هل كان السلطان الناصر صلاح الدين اشعريا

 -هل كان صلاح الدين الأيوبي (رحمه الله) أشعريا..؟!؟!


عقيدة صلاح الدين الأيوبي رحمه الله كانت عقيدة أهل السنة والجماعة بدون اي شك أو ريب  ،ونظهر الأمر من خلال الأدلة والقرائن ، وندحض شبه الكاذبين و المرجفين ،  بكلام أهل العلم  الموثقين::


يظن الكثير من طلبة العلم أن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله كان أشعريا ،

ويستدلون بأقوال المقريزي من كتابه : الخطط المقريزية .


ولكن ، هل هو فعلا كان أشعريا ؟ أم من أهل السنة والجماعة ؟

أنقل لكم قول المقريزي أولا ، قال في كتابه :

وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري. وصار يحفّظها صغار أولاده. فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على مذهب الأشعري، وحملوا في أيام مواليهم كافة الناس على التزامه. فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب }


هذا رأي المقريزي ، لكن أولا يجب علينا أن نعرف نقطة مهمة ، ألا وهي :

من هو المقريزي ؟

هو تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي المقريزي ، المتوفى سنة 845 هـ وقد نقلتُ من كتابه أنه قال بأن صلاح الدين الأيوبي كان ممن اعتنق المذهب الأشعري .

ورواية المقريزي ضعيفة بل منكرة ... الأسباب :

1- مخالفة المقريزي شروط الرواية الصحيحة ، فهو لم يذكر عمن نقل روايته ، وهذا اعتداء في التاريخ ، أن يخوض في أمر مصيري بلا توثيق .

2-أن المقريزي جاء بعد صلاح الدين بقرون ، فهو ليس بحجة في هذا الشأن مالم يوثق رواياته .

3- مخالفة المقريزي لأقوى أنواع الرواية الصحيحة ، وهي رواية الثقة التي مستندها الحس ، فقد خالف المقريزي رواية ابن شداد ، ومن المعروف أن القاضي بهاء الدين ابن شداد هو قاضي عسكر صلاح الدين، وقد لازم صلاح الدين السبع سنوات الأخيرة من عمره ، لذا فروايته رواية ثقة مستندها الحس ، وقد ألف كتابه المشهور : النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية ، التي تعتبر من أوثق الكتب عن السلطان وقال فيها وصفا دقيقا عن عقيدة السلطان ( لا يمكن لعاقل أن ينكر بعدها سلفية صلاح الدين كان رحمه الله حسن العقيدة كثير الذكر لله تعالى قد أخذ عقيدته عن الدليل بواسطة البحث مع مشايخ أهل العلم وأكابر الفقهاء ، وتفهم من ذلك ما يحتاج إلى تفهمه بحيث كان إذا جرى الكلام بين يديه يقول فيه قولا حسنا وإن لم يكن بعبارة الفقهاء ، فتحصل من ذلك سلامة عقيدته عن كدر التشبيه غير مارق سهم النظر فيها إلى التعطيل والتمويه ، جارية على نمط الاستقامة موافقة لقانون النظر الصحيح مرضية عند أكابر العلماء .

وفي موضع آخر من كتابه قال :

وكان رحمه الله كثير التعظيم لشعائر الدين قائلا ببعث الأجسام ونشورها ومجازاة المحسن بالجنة والمسيء بالنار مصدقا بجميع ما وردت به الشرائع ، منشرحا بذلك صدره ، مبغضا للفلاسفة والمعطلة والدهرية ومن يعاند الشريعة

وهناك دليل آخر :

أن صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- تردد إلى الحافظ الأصفهاني المعروف بالحافظ السلفي بالأسكندرية ، وسمع عليه الحديث ، كما قال ابن شداد في كتابه ، حيث قال :

تردد إلى الحافظ الأصفهاني بالأسكندرية وروى عنه أحاديث كثيرة والحافظ السلفي ، على اسمه سلفي والدليل على ذلك:

ما قاله الحافظ السلفي من أبيات وصفت عقيدته الصافية السلفية ، نقل تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية في ترجمة الحافظ السلفي أبيات الحافظ السلفي المشهورة :

وبالإسناد قال :

ضل المجسم والمعطل مثله * عن منهج الحق المبين ضلالا

وأتى أمثالهم بنكر لا رعوا * من معشر قد حالوا الإشكالا

وغدوا يقيسون الأمور برأيهم * ويدلسون على الورى الأقوالا

فالأولون تعدوا الحق الذي * قد حق في وصف الإله تعالى

وتصوروه صورة من جنسنا * جسما وليس الله عز مثالا

والآخرون فعطلوا ما جاء في * القرآن أقبح بالمقال مقالا

وأبوْ حديث المصطفى أن يقبلوا * ورأوه حشوا لا يفيد منالا }


هذا ما نقله السبكي في كتابه ، وهي الأبيات التي قالها الحافظ السلفي ،

الذي تردد عليه صلاح الدين وروى عنه .

أما العقيدة التي ألفها له قطب الدين النيسابوري وحفظها صلاح الدين في صغره ، فليست إلا دليل على ضعف رواية المقريزي وعدم تثبته في النقل ، السبب ؟

السبب هو الآتي :

قال ابن شداد :

وكان رحمه الله قد جمع له الشيخ الإمام قطب الدين النيسابوري رحمه الله عقيدة تجمع ما يحتاج إليه في هذا الباب ، وكان من شدة حرصه عليها يعلمه الصغار من أولاده حتى ترسخ في أذهانهم في الصغر ، ورأيته وهو يأخذها عليهم وهم يقرؤونها من حفظهم بين يديه رحمه الله فلذلك ، قطب الدين النيسابوري ألفها في كبر صلاح الدين، وصلاح الدين جعل يعلمها أولاده ، فكانت هذه العقيدة خاصة بالسلطان ، ولم يأتينا شيء منها ، ولم ينقل أحد برواية مسندة منها شيء .

ولم يقل أحد بأن قطب الدين النيسابوري ألف لصلاح الدين عقيدة حفظها في صباه إلا المقريزي ، والمقريزي لم ينقل روايته عن أحد .

وقطب الدين النيسابوري توفي قبل وفاة صلاح الدين بسنوات قليلة ، أفيعقل أن يؤلف

لصلاح الدين شيئا في صغره ، وليس بينه وبين صلاح الدين في العمر إلا بضع سنوات ؟

ثم من قال بأن قطب الدين النيسابوري أشعريا ؟ هل هناك دليل ؟ شيء من مؤلفاته مثلا ؟ أو أحد نقل عنه بإسناد أنه أشعري ؟

ثم إن الأئمة الكبار أجمعوا على سنية صلاح الدين ، كابن كثير ، والشيخ أبو شامة الذي عاش في عهد أولاد صلاح الدين، وابن خلكان ، وابن تيمية .

ولم ينقل أحد من هؤلاء الأئمة شيئا يدل على أشعرية صلاح الدين ، بل نقلوا صراحة أن مذهبه مذهب أهل السنة والجماعة وأنه هو الذي حارب البدع .


قال شيخ الإسلام في الفتاوى (14/650) طبعة دار الحديث :

وفي أيامهم أخذت النصارى ساحل الشام من المسلمين حتى فتحه نور الدين وصلاح الدين، وفي أيامهم جاءت الفرنج إلى بلبيس وغلبوا من الفرنج فإنهم منافقون وأعانهم النصارى والله لا ينصر المنافقين الذين هم يوالون النصارى فبعثوا إلى نور الدين يطلوبن النجدة فأمدهم بأسد الدين وابن أخيه صلاح الدين، فلما جاءت الغزاة إلى ديار مصر قامت الرافضة مع النصارى فطلبوا قتال الغزاة المجاهدين المسلمين وجرت فصوليعرفها الناس حتى قَتَلَ صلاح الدين مقدمهم شاور ، ومن حينئذ ظهرت بهذه البلاد كلمة الإسلام والسنة والجماعة وصار يقرأ فيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كالبخاري ومسلم ونحو

ذلك ، ويذكر فيها مذاهب الأئمة ويترضى فيها عن الخلفاء الراشدين ، وإلا كانوا قبل ذلك شر الخلق وكذلك ابن كثير ، وابن خلكان ، وابن الأثير ، كل هؤلاء أشاروا إلى سنيته وسلفيته .

ما عدا المقريزي (وهو الذي وضحنا عوار روايته) ، والذهبي في السير أشار إشارة لطيفة إلى أشعريته ولم يفصل تفصيلا .

ولقد كان الشيخ أبو شامة مرجعا لأولاد صلاح الدين

، والشيخ أبو شامة سلفي لا محال ، يعرف ذلك من كتابه المشهور : {الباعث على إنكار البدع والحوادث ومن يقرأ الكتاب لا يستطيع أن ينكر أبدا سنية الشيخ أبو شامة ، وهو الذي ألف أيضا كتابه المشهور بـ { الروضتين في أخبار الدولتين } الذي يعد من أوثق المصادر عن صلاح الدين ونور الدين رحمهما الله .


يقول السيوطي:"وأخذ صلاح الدين في نصر السنة وإشاعة الحق وإهانة المبتدعة والانتقام من الروافض وكانوا بمصر كثيرين" حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ج‍ 2 ص 25".


"قاوم شيعة مصر وكانوا الأغلبية وثاروا عدة مرات يتحدث ابن الأثير- وهو أيضا شافعي المذهب وكانت تربطه علاقة وثيقة بصلاح الدين- عن سحق إحدى تلك الثورات فيقول: أرسل صلاح الدين إلى محلاتهم بالمنصورة فأحرقها على أموالهم وأولادهم. فلما أتاهم الخبر بذلك ولوا منهزمين فركبهم السيف وأخذت عليهم أفواه السكك فطلبوا الأمان بعد أن كثر فيهم القتل فأجيبوا إلى ذلك فخرجوا من مصر إلى الجيزة. فعبر إليهم شمس الدولة أخو صلاح الدين الأكبر في طائفة من العسكر فأبادهم بالسيف ولم يبق منهم إلا القليل الشريد "الكامل ج٩ ص١٠٣".


-أخوكم المحب (ابو حاتم الجزائري)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قبائل الواحدي وسلطنتهم في شبوة

قبائل حمير في محافظة شبوة

الناصر صلاح الدين....اخلاق الفارس المسلم